هدفت هذه الدراسة الميدانية إلى بحث العلاقات المحتملة بين الخدمات المقدمة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، والمتمثلة في الخدمات التشخصية والخدمات النفسية والخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية من جانب، والدمج التعليمي والدمج السلوكي والدمج المهاري والدمج الاجتماعي بمدارس التعليم العام في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية من جانب آخر، كما هدفت إلى دراسة الفروق بين عوامل الخدمات المقدمة ودمج أطفال التوحد والمتغيرات الديمغرافية لمعرفة مدى تأثر هذه الخدمات المقدمة والدمج بالبيانات الشخصية للعينة. تكونت عينة الدراسة من 732 فردًا من المعلمين والمعلمات بمدارس التعليم العام في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، تمَّ اختيارهم بالطريقةِ العشوائيةِ البسيطة؛ ليعطي جميع أفراد مجتمع الدراسة فرصة متساوية بين المجموعات. وقد صممت الباحثة المقاييس المستخدمة لإجراء هذه الدراسة بناء على الدراسات السابقة، بسبب عدم توافر المقاييس الصالحة تقيس ما تنوي قياسه، وقد استخدمت الباحثة عدة طرق إحصائية لتحقيق أهداف الدراسة المتنوعة، منها التحليل العاملي وذلك لاقتصار فقرات المقياس إلى عوامل كامنة، ودراسة صدقها التكويني، كما استخدمت تحليل الانحدار الخطي المتعدد لدراسة العلاقات المحتملة بين هذه العوامل. أما تحليل التباين متعدد المتغيرات التابعة فتم استخدامه لمعرفة الفروق بين عوامل الخدمات المقدمة ودمج الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد عبر المتغيرات الديمغرافية، وقد أظهرت نتيجة التحليل أن مقاييس الخدمات المقدمة والدمج المستخدمة تتسم بخصائص سيكومترية ذات جودة عالية. كما أكد التحليل العاملي الاستكشافي الصدق التكويني لمقياسي الخدمات والدمج، وكذلك أظهرت نتائج تحليل الانحدار الخطي المتعدد وجود العلاقة الإيجابية القوية بين أبعاد الخدمات المقدمة من جهة وأبعاد دمج الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد من جهة أخرى، وتدل هذه العلاقة الإيجابية إلى أنه كلما ارتفع مستوى الخدمات المقدمة لدى المفحوصين المختارين ارتفع مستوى دمج أطفال طيف التوحد. كذلك أظهرت نتائج التحليل وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين أبعاد الخدمات ودمج الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد والمتغيرات المستقلة المتمثلة في النوع الاجتماعي، والعمر والتخصص والمؤهلات العلمية والخبرة ونوعية المدرسة لصالح الإناث، ومتوسط العمر وتخصص علم النفس التربوي، ومتوسط الخبرة والمدرسة الأهلية، وهذا يعني أن فاعلية الخدمات المقدمة وقدرتها على دمج أطفال التوحد لها علاقة بالنوع الاجتماعي للعينة (ذكورًا أو إناثًا) وأعمارهم وتخصصاتهم ومؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية والمدرسة التي ينتسبون إليها.